قصة من بلدي
أبو علا .. والزغاليل الشهيدة
اليوم هو يدخل في الخامسة والسبعين من عمره ، والقصة
حدثت بعد تخرجه من المترك ، في بداية
الستينيات ، اليوم اسمه أبو علا ، ويوم حدثت القصة كان اسمه عبد الطيف البياع ،
حدث فقال :
كنت أرعى الغنم في سهل عين سامية ، وكنت قد أنهيت المترك
، في ذلك اليوم سرحت بالغنم في أرض لدار أبو معدي في الشقفان في حبول زيد ، أيام
خلع البصل ، وبعد رعي الغنم ما تبقى من
مخلفات البصل ، غربنا أنا وعبد الفتاح أبو الحاج لكي ننام مع الغنم في مغر رزق عند
الطاحونة ، في الطريق وردنا على الواد وسقينا الغنم ، كان هو ماشي قدامي وأنا مع
الغنم وراءه ، وبعيد عنكم ـ كنت لابس مشاية مغيط ، وكانت الدنيا مقمرة ، شعرت
بلسعة في قدمي مثل وخز الشوكة ، ومشيت مسافة ، وقلت بجوز تكون حيّة ، فوقفت ، وقلت
لفتاح دير بالك على الغنم ، أنا قرصتني حيّة . وفعلا كان موضع أنيابها واضح وبيّن
، الدنيا ليلتها كانت قمر من الأيام البيض ، أنا كان معي شبرية ، مثل عادة الرعيان
تلك الأيام ، ولما رأيت نقطتي الدم على
رجلي ، شقيت مكان اللسعة بالشبرية ، ومصصت الدم ، وربطت على رجلي .
وفتها كان أكثر أهل البلد في عين سامية ، و فزع لي أبو
فرج وأبو ناجح المشني وابو صالح عدوي ـ
الله يرحمهم ـ ، وأحضروا لي حصانا أذكر أن لونه كان أزرق كانوا يحرثون عليه ، وركب
أبو ناجح على الحصان ، وأردفني خلفة ، وروحنا على البلد ، وروح معنا أبو صالح عدوي
الله يرحمه ، وكان مشروع عين سامية في بدايته ، وهناك سبع ورش على الطريق تبني
الجدران الاستناداية للطريق ، كان هناك ناطور يسهر على المعدات اسمه نصر الله ـ الله يجزيه الخير ـ من الطيبة ، ولما رآنا ،
أحضر بطانية وقال : لفوه فيها ، لأن القريص يبرد . وفعلا لفوني بالبطانية ، وأحضر
قليلا من الحليب ، وسقوني إياه ، وقال : الحليب جيد للقريص، وأكملنا مشوارنا نحو البلد .
ولما وصلنا البلد وعرف الناس القصة ، جاءت بعض العجائز ،
وأحضرن زغاليل حمام ، قامت واحدة شقت الزغاليل وهي حيّة ، ولبستهن لرجلي ، وربطت
الزغاليل على مكان الجرح ، وقلن لي : هذه الزغاليل دمها حامي تمتص سم الحية .
في صباح اليوم التالي حملني صالح أبو زاهي العبد ـ الله
يرحمه ـ على ظهره ، ووصلني إلى الباص ، ولما
وصلت لمستشفى رام الله ، جاء الدكتور وكشف عن رجلي ، ولما رأى رجلي ملفوفا عليها
الزغاليل ، صار يضرب على رأسه ويقول : شو هذا يا فلاح !!!
وقام وفك الزغاليل ، ورموا الزعاليل التي صار لونها أزرق
على سواد عند حاوية الزبالة في ساحة المستشفى ، هجمت قطط المستشفى على الزغاليل ،
والعجيب أن القطط التي أكلت من الزغاليل ، ماتت من ساعتها ، فقال الدكتور الذي
تندر على جهل الفلاحين :
ـ فعلا ، هذه حكمة عربية ، الزغاليل مصّت الدم وتسممت ،
والقطط أكلن الزغاليل المسمومة وماتت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق