حتى لا تسأل بعدالآن ما هو وادي اللصم
الخميس | 27/03/2014 - 09:51 صباحاً
تقرير الصحفية : وفاء ابعيرات
هي منطقةٌ غلفها النسيان لكنها أبت إلا أن
تظهر بتاريخها لتعلق في الذاكرة، وادي اللصم الذي يدفن بين أزقة جباله الشامخة
أسراراً أعياها الزمان و الإهمال عن التكشف لتكون مكاناً سياحياً مع مرور
الوقت.
أنت في وادي اللصم، أنت حيث للتاريخ صوت،
جباله ليست كالجبال و وديانهُ ليست كالوديان، اقلب أي صخرةٍ في الوادي تجد ألف قصة
و ألف تاريخٍ يتكلم.
وادي اللصم الذي يقع في الزاوية الشرقية من
عين سامية على بعد (10- 12 كم ) من كفرمالك، يصل عين سامية بعين العوجا، أما من حيث
التضاريس فيعتبر من الأودية السحيقة الذي يصعب السير فيها بسهولة فهو محاطٌ
بمنحدراتٍ صعبة، فمن الغرب محاط بمنطقة عراق أبو المناسر، و من الشرق مغر دار عادي،
ومن الشمال منطقة طلوزة و سميت طلوزة بهذا الإسم لأنها كانت تطل و تشرف على الوادي،
ومن الجنوب كوكب الصباح.
يعتبر وادي اللصم من الأراضي المصادرة من
مستعمرة كوكب الصباح الذي أقامتها قوات الإحتلال على أراضي قرية كفرمالك.
يشيرفرج عبد الحسيب أحد سكان القرية أنه
سميّ وادي اللصم بهذا الإسم لأنه سهل الإغلاق ففي القدم كان الأهالي يغلقونه
بالحجاره حيث يضعونها في أوله و آخره فيحجز ما فيه من الدواب التي تترك ترعى العشب
خلال فصل الربيع، و لغةً لصم تعني انحجز.
ويضيف بأن الوادي يمتاز بوجود عدد كبير من
الكلتات، و هي عبارة عن حفر كبيرة موجودة في الصخر تحفظ الماء لفترات متأخرة من
السنة، وأنه ما تزال هناك بقايا لقناةٍ من الشيد يُعتقد أنها كانت تنقل الماء من
عين سامية إلى قصر هشام، فقديماً كان الأهالي يقصدونه مكاناً للرعي لأن العشب
ينبت فيه مبكراً، بسبب ارتفاع درجة حرارته و انخفاضه عن مستوى سطح البحر، فكان
أهالي القرية منذ بداية شهر شباط يأخذون أمتعتهم و دوابهم و يذهبون للتعزيب في
الوادي.
يتابع عبد الحسيب كان الوادي عبارة عن مكان
يلجأ إليه اليهود عندما يتشتتون، فعندما قام عمال الآثار بحفريات عام 1967م عثروا
على جثث محروقة في المغر منذ 1000ق.م.
وبعد البحث عن السبب تبين أن هناك عائلة تدعى
عائلة كخبة كانت مجموعة منهم يغيروا على أريحا في الليل ليسرقوا محاصيلها و
ثرواتها، وبعد ذلك يعودون إلى هذه المغر.
فأهل أريحا (الرومان) كان يفتقدون أغناهم و
ممتلكاتهم، و لكن لا يعلموا من الذي سرقها، فبعد تتبع و مراقبة تبين أن الذي يقوم
بسرقة ممتلكاتهم هم أناسٌ يأتون من الجبال و من ثم يعودون للإختباء في مغرٍ عاليةٍ
جداً لا يستطيع أحد الصعود إليها، فهذه المغر لها ممراتٍ سرية، فجاء الرومان إلى
المكان و طلبوا من دار كخبة الموجودين في المغر بالخروج لكنهم لم يلقوا لتهديدهم
بالاً، وأصروا على البقاء فحرق الرومان المغر.
واد اللصم رعب يتحداه الشباب
رغم الجبروت الذي تظهر به جبال واد اللصم و علوها، إلا ان تسلقها يعد
تحدياً يصبو إليه الشباب فالشاب نادر يقول: "أن رب العالمين يمنحنا قوةً تدفعنا
لتسلق قمم هذه الجبال، و ذلك يمنحنا شعوراً أفضل، فضلاً عن كسر حاجز الخوف الذي
نشعر به في حياتنا اليومية من أتفه الأمور".
فالمكان يعتبر مقصداً للسياح حيث يقصده الزوار من مختلف الأماكن
سواء من داخل فلسطين أو خارجها على حد تعبير الشاب نادر أحد زوار
الوادي.
ويضيف يتمتع واد اللصم بالعديد من المقومات التي جعلت منه مقصدا
هاما للسياح والمستثمرين الذين استغلوا موقعه وغناه بالمياه التي تجري من الينابيع
المحيطة به كعين سامية، و عين العوجا، ويعتبر هذا المكان مهماً نظرا لأهميته
الأثرية حيث ماتزال هناك آثار تعود للعصور الرومانية والإسلامية، منذ
فترة وجيزة عثر على عملة إسرائيلية و رومانية.
أما باسل فيقول هو مكان يوجد فيه الكثير من المغر التاريخية التي خلقت
على أشكال منوعة، وهذه المغر نذهب أنا و أصدقائي للنوم فيها شتاءاً لأنها في الشتاء
تكون دافئة، ويوجد في واد اللصم بركة مخيفة غرق فيها بدوي فأطلق عليها اسم (مقتل
بدوي)، وهذه البركة عميقة طولها وعرضها ما يقارب (3-6 متر)، أما عن أسماء المغر في
واد اللصم فهي متعددة فهناك المعلقة، والعليا، وام الخفافييش، وزغيب، وطلووزة .
و يؤكد عبد الحسيب بأن هناك منطقة شديدة
الإنحدار يطلق عليها جرف سقعة، لا يستطيع أحد صعودها بسهولة، فالمستوطنين
الإسرائيلين و الأجانب واضعين حبل جلمون( حبل كبير و عريض) و يتسلقوها للتسليه و
الترفيه.
غذاء الوادي قصةٌ أخرى
العكوب، الخبيزة، القريص، الدغابيس هي نباتات يزدهر بها واد اللصم
سنوياً و يعمل المارة على حصدها لتناولها و الاستفادة منها، فمنها ما يتناول للغذاء
كالعكوب والخبيزة و منها ما يستخدم لأغراض علاجية.
ترانيم برية : أصوات كائنات لا توصف
يتنفس الوادي ضياء الصباح، وتهدل الحمائم
معلنةً بدء يومٍ جديد، و تزقزق العصافير منبهةً الحيوانات التي لم تستيقظ، هذا هو
الصباح في وادي اللصم، فهناك كثير من الحيوانات الذي يعج بها المكان كالضباع، و
بنات آوى (الثعالب)، والبوم، والنسر، والوبر، وغيرها.
هذا هو واد
اللصم
فإن كنت تجهل معنى الحياة فواد اللصم يرحب
بك لتتعلم أنه حين يكون ثمن الحياة هو الموت ذلك هو المعنى الحقيقي
للوجود.
وإن كنت تجهل معنى الرأس المرفوع عالياً
بشموخ فواد اللصم يرحب بك لترى الجبال الشامخة التي تجاور الشمس.
إن كنت تجهل معنى العيون الساهرة عشقاً فواد
اللصم يدعوك لترى عيون النسور والضباع وغيرها وهي ترقب كل دخيل وترصده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق