مسجد النجمة .. أين اختفى ؟



موقع مسجد النجمة وتظهر في الصورة مستوطنة كوكب الصباح



جبل النَّجمة الشامخ بين أراضي أهل دير جرير وأهل كفرمالك أحد المعالم البارزة في برية البلدين ، وتشرف قمته على طول الحدود الأردنية الفلسطينية ، يرتفع عن سطح البحر 724 م ، وعلى سفحه الشمالي مسجد صغير من غرفة عقاد جمالون ، له محراب ، وجنوب الجبل توجد خربة آثار رومانية ، كما يتواجد الكثير من بقايا بنايات قديمة تمتد على طول المرج القبلي المشرف على الغور ، وأغلب الظن أنها كانت نقاط حراسة واستطلاع عبر التاريخ ترصد كل قادم من الشرق باتجاه الأرض المقدسة .

أقام الاحتلال وقطعان مستوطنيه سلسلة من المستوطنات التي تشرف على الغور، شكلت الخط الثاني تمتد من رمونيم عبورا إلى كوكب الصباح ، أما مستوطنات الخط الأمامي فتمتد على خط طولي يبدأ من ( تسومر، جلجال، نتيف هجدود، نعران، يطاف، ناحل تسوري) على طول 6 كم وعلى الشارع العام الواصل بين مدينة أريحا ووادي الفارعة، وتحت سفوح الجبال المطلة على غور الأردن، جاعلاً بداية جبال وادي الأردن خلفه والسهل الخصيب أمامه، مما يكسبها أهمية دفاعية واقتصادية خاصة، كذلك، فإن وجود مستوطنات الخط الثاني ( كوخاف هشاحر، ريمونيم) التي لا تبعد عنها سوى 6 كم هوائياً، يكسبها ميزة إستراتيجية .

أقيمت مستوطنة كوخاف هشاحر في العام 1975 على أراضي قريتي كفر مالك ودير جرير، وتبلغ مساحة أراضيها 394 دونما، وقد سميت المستوطنة بهذا الاسم ويعني بالعربية "نجمة الفجر" نسبة إلى أحد الجبال المحيطة بالمنطقة (قبة النجمة) ، وتمتاز هذه المنطقة بوفرة ينابيع المياه فيها.. وبها قبر مسيحي ذو أثر تاريخي قديم لكاهنة كانت تدعى الست زهراء

يوجد في المستوطنة معهد لتعليم اللغة العبرية، حضانات للأطفال، مدرسة ابتدائية، عيادة لطب الأسنان، مكتبة عامة، صالة مناسبات، مصنع الكترونيات، كروم عنب، مشاتل للورود، مزارع دجاج. وحتى شهر يونيو من العام 2005 بلغ عدد سكان مستوطنة كوخاف هشاحر 1400 مستوطن ومساحتها   1037 دونماً .

بعد اتفاقيات أوسلو وضمن الطرق الالتفافية أنشا المحتلون طريقا تربط كوكب الصباح بمعسكر العاصور على طول 12 كم . في نهاية عام 2011 قدر خبير بالمنطقة أن مستوطنة كوكب الصباح تسيطر على أراضي تابعة لقريتي كفرمالك ودير جرير ما مقداره 70 كيلومترا مربعا .

وعرف عن مستوطني كوكب الصباح أن فيهم عصابات متطرفة ، ومستوطنين شرسين ، يقومون في كل فترة بالاعتداء على الرعيان والأراضي من حولهم ،

ةقد أنشأ مستوطنو المستعمرة بؤرة استيطانية سموها متسبيه كرميم ، شرقي مستوطنة كوخاف هشاحر، في سنة 2011 ، تتكون من 16 بيتاً ثابتاً بُني أكثرها على أراض خاصة لفلسطينيين

أهالي كفرمالك يعرفون مسجد النجمة حق المعرفة ، فهناك على سفح قبة النجمة من الجهة الجنوبية كان هناك مسجدا من غرفة واحدة ، وله محراب باتجاه القبلة ، وأغلب الأهالي من هم فوق الخمسين زاروا هذا المسجد ، وربما ناموا فيه ، فقد كانت بنايته صالحة للاستعمال حتى وقت قريب ، غرفة لها قبة تبلغ مساحتها الداخلية حوالي ثلاثين مترا ، وكان الشباب يتباهون بكتابة أسمائهم على حيطانه .

بعد الاحتلال مباشرة أقام الجيش الإسرائيلي نقطة عسكرية في المنطقة ، وصودرت أراضي تابعة لقرية دير جرير وكفرمالك لأسباب أمنية من أجل إقامة المعسكر ،  وكالعادة  نقل الجيش النقطة العسكرية للمستوطنين في عام 1975  ، وشرعوا ببناء مستوطنة " كوكب الصباح " وأخذوا الاسم من جبل النجمة القريب ، وظل المسجد قائما ، والوصول إليه متاحا للأهالي ، واستمر الوضع حتى انتفاضة الأقصى عام 2000 ، حيث بدأ المستوطنون بالتعرض لسيارات العرب ، وقتلوا بائع خضار من منطقة نابلس كان يعبر في شارع ألون ، وأحضرت جثته إلى قرية كفرمالك ، وتبين من الكشف الطبي أنه أستشهد نتيجة ضربه بحجر ضخم كسر أضلاعه ، وأوقف عمل القلب .

ولم يكتف المستوطنون بمصادرة الأرض ، وإرهاب الناس المجاورين للمنطقة والاعتداء على المزارعين والرعيان والبدو ، بل قاموا قبل ثلاث أو أربع سنوات بهدم مسجد قبة النجمة ، ولم يبقوا منه غير مدماكين ظاهرين فوق الأرض ، هدموا البناء لأنه يدل على أنه مسجد من طريقة بنائه ومحرابه ، لطمس إي أثر عربي إسلامي حولهم ، وأقاموا على سفح قبة النجمة الشرقي معرشات وأماكن للجلوس تشرف على منطقة واسعة حول مدينة أريحا وصولا إلى الأراضي الأردنية .

العجيب أن أحدا لم يحتج على هدم المسجد ، ولم نسمع عنه في وسائل الإعلام ، فالمنطقة مغلقة ، والمستوطنون يسرحون ويمرحون ، يهدمون ويدمرون ، ويتوسعون كما شاؤوا في أراضي الأهالي ... !!