الجُعَّـق ” المزيون و سرطان الزيتون ..!!
كتبهافرج عبدالحسيب ، في 3 تشرين الثاني 2012 الساعة: 17:56 م
" الجُعَّـق " طائر جميل اللون ، قبيح الصوت من فصيلة الغراب له أسماء كثيرة منها الزريقي وأبو زريق والعقـعق و غيرها ، أهالي كفرمالك الذين لا يعجبهم العجب تركوا كل تلك التسميات وسموه " الجُعَّـق " لأنه يجعـق طوال الوقت بصوت قبيح بمناسبة وغير مناسبة ، مثل صوت جيبات حرس الحدود اليهودية التي تجعق في الطرق الالتفافية ، وصوته القبيح ورثه من أصله ، جده الأول غراب البين الذي لا ينعق إلا في الخراب والأصل غلاب .
أيام الطفولة كنا نجد أعشاش " الجُعَّـق " فوق قمم أشجار اللوز الشاهقة ، فننتظر الفراخ حتى ينسلخ عنها ريش الحرام ، ويكسوها ريش الحلال ، فنجعف الفراخ من العش ، ونعود للبيت بغنيمة دسمة ، وكنا نستخدم لفظ " نجعف " ويبدو أن أصله نفجع ، كما قال الرسول عليه السلام يوما لمن أخذ صغار القبرة : من فجع هذه بصغارها ؟ واليوم بعد أن استبدل الناس تعامير اللوز وزرعوا مكانها كروم الزيتون ، حرم الصغار من متعة أكل لحم فراخ " الجُعَّـق " المقلية بالزيت ، وزيت قلي الطيور أطيب من لحمها ، لمن جرّب ، لجأ الجعق لأشجار الزيتون ، يعشش عليها ، ويزرع على فروعها وجذوعها سرطان الزيتون . وما هو سرطان الزيتون ؟
ونعود لأيام الطفولة التي تكثر فيها الأسئلة البريئة ، فكنا عندما نسرح مع الأهل لجداد الزيتون نرى على فروع شجر الزيتون نباتا غريبا ، شديد الخضرة ، له ثمر صغير أحمر لا يينبت في التراب مثل النبات، بل ينبت فوق جذوع الزيتون ، ونسأل الكبار ، فيشرحون لنا أن هذا نبات طفيلي اسمه العَََـنََم ، ينبت على الكثير من الأشجار خاصة الزيتون واللوز والزعرور، لون ثمره على الزيتون أحمر وعلى اللوز أبيض ، يمد شروشه في خشب الشجرة فيتغذى منا ويضعفها ، والواجب على الفلاح أن يقلعه من جذوره ويرميه ، فهو بلا فائدة لا للإنسان ولا للحيوان ، ولا ينفع إلا من زرعه ، والذي زرعه هو طير " الجُعَّـق " ، ونستغرب كيف يزرع " الجُعَّـق " هذا النبات اليانع كثير الثمار الذي لا فائدة ترجى منه !!
فيخبرنا أهل الخبرة من الكبار أن طير " الجُعَّـق " يحب ثمار العَََـنََم ويأكلها ، وعندما يهضمها ، ويأتي وقت التبرز ، لا يعجب " الجُعَّـق " قضاء حاجته إلا على فرع شجرة ، فتلتصق بذور العَََـنََم بالجذع بصمغ البراز ، وتضرب جذرا في خشب الشجرة ، وتمتص غذاءها من الشجرة بلا تعب ولا نصب ، فتنمو بسرعة ، وتضعف الشجرة ، وتصير مصدر غذاء جديد لطير " الجُعَّـق " وفراخه من بعده .
وللعلم فطير" الجُعَّـق " من الطيور التي لا تحرِّم حراما ولا تحلل حلالا ، بطنها هو دينها ، فهي تأكل ثمار التين والعنب والمشمش في الصيف ، وإذا لم تجد تأكل الفئران والسحالي والعقارب وغيرها ، وإذا لم تجد تأكل بغاث الطير من العصافير الصغيرة من بنات جنسها ، وتظل تزعج من حولها بجعيقها ونعيقها ، تفعل كل ذلك مغرورة بأن لونها جميل يسر الناظرين ، وهي تعيث فسادا في أشجار الزيتون المباركة ..
وما دامت هذه الطيور والكائنات أمم أمثالنا كما أخبرنا القرآن الكريم ، والزيتون المبارك رمز لفلسطين المباركة ، فمن هو " الجُعَّـق " إذن ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق