كتبهافرج عبدالحسيب ، في 5 أيار 2012 الساعة: 23:34 م
في مثل هذه الأيام من شهر أيار أيام زمان كنت ترى الشاب أو الولد ماشيا مع أصحابه في الطريق ثم يبدأ النط في الهواء ويصفع رقبته بكل قوة ، وتنتقل عدوى النط والضرب لأصحابه فيهيجون في الطريق كالمجانين ، يضربون أعناقهم ووجوههم ، ولو كان في تلك الأيام هواتف تصور ، ونشرت الصورة على اليوتيوب لقلت : شو هالمجانين ..؟؟
ولكن هذا تصرف عادي في أواخر أيار وأوائل نيسان من كل عام ، وفي تلك الأيام لم نكن نقول الشباب جنّت ، بل كنا نقول: الشباب قيقبت مثل العجول ..
تلك أيام القيقوب التي سأحدثكم عنها ..
البعض يقول أن القيقوب طائر مهاجر يمر في فلسطين في موسم الربيع ، معروف بصوته المميز عندما يصيح قي قوب … قي قوب ..
والبعض يقول القيقوب هو ذباب البقر.. !!
ولكن كيف سيعرف أولاد كفرمالك اليوم ذباب البقر إذا كانت قرية كفرمالك ، التي كان عجال البقر فيها يمتد من راس المطل للحارة أيام كانت قرية وكنا فلاحين وأصحاب حلال .. لا يوجد فيها اليوم رأس بقر واحد ، يجعر على صاحبه عندما يموت ..
أطفال كفرمالك في الروضة يظنون أن البقر فقط في الصور والتلفزيون، وعلى علب النيدو ، ويظنون أن البقر يعزف موسيقى ، وينام في الفنادق ، لأن أشهر بقرة عندهم هي البقرة الضاحكة المدللة الفنانة التي يأكلون من حليبها جبنة المثلثات الشهية ..
شو بكم من طول السيرة ، دعونا نعود للقيقوب وما أدراك ما القيقوب !!
ذباب البقر أو القيقوب مثل الذباب العادي ، ولكنه أصغر وأزعر ولونه أصفر ، يضرب به المثل في ثقل الدم ، فكما يقال دم فلان ثقيل الدم أثقل من ذبانة البقر ، لأن هذه الذبابة ، إذا وقعت على رقبتك ـ الله لا يوريك ـ تلزق فيك ، وتمص دمك ، ولو ضربتها ، أو طردتها تظل لازقة ، ولا تطير إلا لكي تستلم رقبة جارك ، ولو فركتها بين يديك لا تموت ، وتعود وتطير من جديد ، والحل الوحيد أن تفعصها بقوة بطرف قميصك أو تدقها بحجر ..
وبحثت في النت عن هذه الذبابة فوجدت ما يلي : " .ذبابة تشبه الذبابة المنزلية العادية ولكنها أصغر منها حجماً ، تتوالد في روث البقر، من دأبها أن تحوم حول الأبقار وتسبب لها مضايقات كثيرة ، ثم تستقر على أعناقها وأردافها وتمتص دمها..
القيقيوب سخط على الحيوانات وخاصة البقر ، وإياك أن يقترب من البقر في الحراث ، فالبقر عندها تكسر العود وتؤذي نفسها ، وقد لا يسلم الحراث إلا بالهرب ، وثلثيثن المراجل هريبة ..
وروى لي أحد أهل البقر أنه كان سارحا مع العجول في عين سامية ، وفجأة شاهد أحد العجول يلوح بذيله بسرعة هائلة وكأنه طيارة هيلوكبتر ، ثم يهيج وتهيج معه بقية العجول ، ولولا تدخل كبار السن وأهل الخبرة لضاعت لهجت العجول لجبل مجهول ..
ومن هنا جاء المثل الذي يقول :
لا تعد عجولك قبل ما يخلص القيقوب ، وذلك لأن المزارع قد يفقد الكثير من عجوله بسبب القيقوب فتهيج وتهرب ولا تعود ..
ولله في خلقه شؤون ، فهذه الذبابة المزعجة للبشر والبقر معجزة من معجزات خلق الله تعالى ، وتقولون لي كيف ؟
ذبابة البقرتعتبر من أذكى الحشرات، وهي من معجزات الله في خلقه، وسميت بهذا الاسم لأن صغارها لا تخرج إلى الحياة إلا بواسطة البقرغالبا ، وبعض الحيوانات الثدية ..ورغم أنها أصغر حجما فهي أثقل وزنا من الذبابةالمنزلية ، لذلك إذا حطت على جسم البقرة ستشعر بها وتهشها بذيلها الطويل ، وهنا تفكر هذه الذبابةبالخدعة الذكية من أجل استمرار نسلها والحفاظ عليه من الانقراض، فتقوم بصيد الذبابة المنزلية التي تكون بالقرب من الأبقار ، لكن ليس لأكلها بل لحقن بيوضها في أجسادها وتحديدا تحت أجنحتها، وتلصقها بمادة لزجة لتثبيتها فتطير الذبابة المنزلية حاملة معها الأجنة داخل البيوض إلى أجساد الأبقار، لتتغذى على عرقها وبسبب خفة وزنها لا تشعر بها البقرة، فتسبب الحرارة المنبعثة من جسم البقرة بوقت قياسي تفقيس البيوض وتطاير الذبابات الصغيرة مسببة هيجان للدابة التي تحملها ..
ومن عجائب الصدف أن ذباب البقر ينتشر في الفترة التي يبيض بها طائر القيقوب ، وسمي بذلك لأنه يصيح قائلا : قي قوب .. قي قوب .. فيظن بعض الناس أن صوت الطائر هو الذي يهيج البقر والعجول ، ولا يعرفون أم البقر يهيج بسبب الذباب مصاص الدماء ، وأن اقتران سلوك ما بمؤثر خارجي يسمى عند عالم النفس بافلوف ( الاستجابة الشرطية ) .. يعني بلغتنا الفعل لذياب والصيت لأبو زيد ..
ابوي حكالي نفس الحكي عن القيقوب :) واحنا من المزرعة القبلية - رام الله ... شكرا لك على المقاله الجميلة
ردحذف