السبت، 17 مارس 2018


من دفاتر كفرمالك

ذكرى وعبرة
في شهر تموز من عام 1985 كانت الحاجة سارة عيد طه ترقد على سرير الشيخوخة بانتظار الرحلة الأزلية لدار البقاء، كان لسانها رطب بذكر الله وبوصية لا تزال ترددها على أهل الدار:
ـ برضا الله عليكم، احفروا قبري في الجبل.
كانت الوصية مستغربة عند أهل الدار من الأحفاد والأقارب، فلدى دار طه مقبرة خاصة في الكرم، ولا تبعد عن الجبل سوى مئة متر، وفيها دُفن أموات العائلة السابقون. فلما كانوا يتعجبون من قولها، كانت تقول لهم:
ـ وما أدراكم يمكن ربنا يعطيكم وتبنوا جامع في أرض الجبل، ويصير الطالع والنازل يترحم عليَّ ويقرأ لي الفاتحة.
في يوم 25 / 8 / 1985 انتفلت الحاجة سارة من الدنيا الفانية إلى الآخرة الباقية، وبقيت وصيتها خاطرا يتردد في بال من سمعها.
بعد عشرين سنة من وفاتها في 2006 قرر المحسن سليمان أبو وجيه بناء مسجد في القرية ، وراح المعنيون يبحثون عن قطعة أرض مناسبة لبناء المسجد، وقُدمت الكثير من الاقتراحات والعروض، ولم تفلح الجهود، لأسباب واهية، هنا جاء المرحوم عبد المجيد طه ، الذي تصادف ذكرى وفاته هذه الأيام ، وعرض أن يقدم قطعة أرض في الجبل لبناء المسجد، تردد المعنيون وذلك لأن المنطقة بعيدة عن بيوت القرية، وراحوا يبحثون عن مكان أنسب، وأيضا فشلت الجهود مرة أخرى ، فقرر الحاج أبو وجيه الموافقة على عرض الشيخ عبد المجيد، وتم بفضل الله بناء مسجد الإحسان على الجبل بين بيت دار أبو طه وقبر المرحومة سارة .
ليس في الدنيا صُدف عمياء، في الدنيا أقدار يرتبها رب السماء.
رحم الله الحاجة سارة، ورحم الله الشيخ عبد المجيد، وجزى الله خيرا الحاج أبو وجيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق