أول عرس جماعي في كفرمالك
في السنوات الأخيرة حاول السيد هاني عبد الجبار الترتيب لعرس جماعي في كفرمالك ، وبذل في سبيل ذلك جهودا في نشر الفكرة ، وأبدا استعدادا لتقديم دعم مالي سخي للمشروع ، وما زال مستعدا ويشجع أهل القرية على الفكرة التي لم يكتب لها النجاج حتى اللحظة لأسباب كثيرة أهمها أنها فكرة جديدة ، وعادات الناس تقف دائما أمام كل جديد ، ولا تميل إلى كسر المألوف . ومن خلال تتبع أخبار الأهل في سالف الأيام اكتشفت أن هناك عرسا جماعيا أقيم في القرية قبل حوالي سبعين سنة .
ففي صيف عام 1944 م وبعد رص القطين في الخوابي ، وقبل شتوة الصليب ، أقيم في كفرمالك ما يمكن تسميته بعرس جماعي ، حيث تزوج اثنا عشر عروسا في حفل واحد ، واستمرت حفلة السهرة لمدم 18 يوما ، وذلك في حارة دار رستم ، اليوم هي الساحة الصغيرة الواقعة شرقي علية البعيرات ، حيث كان الرجال يدبكون ويصحجون فيها ، ويقوم صبحي عيسى بتقديم مشاهد تمثيلية ضاحكة ، بينما تجلس النساءعلى الحيطان يرقبن الحفل ، أما تكاليف السهرة فهي :
أولا الإضاءة العليا عبارة عن فنيار يعلق على سلم يصل بين الحيطان ، وأكوام من النتش الجاف تشعل في وسط الساحة للإضاءة الأرضية .
ثانيا الضيافة وهي عبارة عن دست نحاس يغلى به الشاي فقط ، أي لا قهوة ولا سوس ولا خلافه .
أما الصمدة فكانت في بيت والد أحد العرسان وهو محمود أبو أحمد الواقع في حارة دار رستم بجوار دار صقر اليوم ، حيث صمد العرسان جميعا على مصطبة لا تتجاوز مساحتها الثلاثين متر مربعا ، ولأن البيت كبير ، في مقاييس تلك الأيام ، قسّم فيما بعد إلى بيتين ، ما زالا قائمين حتى اليوم ، وكانت الإضاءة لامبة واحدة من نمرة أربعة ، أما اللوج فكان فرشات أرضية ، وتخص العروس بوسادتين تجلس عليهما لترتفع أمام المدعوات . أما الذهب فكان كمشة من القطع النقدية من فئة الشلن يلصقها العريس على جبهة العروس ، وتسقط فغي منديل النقوط الذي كان أكبر مبلغ في تلك الأيام بريزة ، تصيح إحدى النساء وهي تحيي صاحب النقوط : شلن من أبو فلان يخلف عليه ، وكان البعض ينقط عن الأموات ، فتنادي المنادية : شلن وافي عن راس المرحوم أبو فلان .
حدثتني عمتي أم محمد ، وكانت في تلك الأيام في عامها الرابع عشر، أن البنات كن يعمدن للنفخ على اللامبة ، وعندما يسود الظلام ، تتعالى الأصوات بالصراخ والتصفيق ، ولما اعجبت اللعبة الحاضرين تكررت طوال الصمدة ، وهي ما يشبه اليوم إطفاء الأضواء لكي يرقص العروسان بخفة ورمانسية .
ومن ألاعيب البنات مع العريس والعروس ، في ذلك الوقت أنهن كن يخيطن ثياب العسان بالفرشة ، أو الوسادة حتى إذا قام أحدهم علقت به الفرشة أو الوسادة ، فيسود المكان جو من المرح والإنبساط البريء .
بقي أن نكتب أسماء العرسان الذين خلفوا الكثير من الأولاد والبنات ، وأحفادهم اليوم هم على باب الزواج ، أما منصة الصمدة فقد جمعت :
1 ـ العريس لطفي محمود وعروسه حفيظة مصطفى جابر
2 ـ العريس محمد أبو رستم وعروسه صدقية عبد الله .
3 ـ العريس محمد أبو محمّد وعروسه فاطمة مصطفى جابر .
4 ـ العريس حباس خميس وعروسه ريا القاق .
5 ـ العريس حماد القاق وعروسه فوزية المحمود .
6 ـ العريس إبراهيم القاق وعروسه بهية طبش .
وإذا فتحنا باب أعراس زمان فلا بأس أن أذكركم أنه حتى عام 1956 كانت العروس تزف ليلا ، والكثير من العرائس كن ينمن وهن مصمودات من شدة التعب أو السهر ، وأول من قطع هذه العادة هو المرحوم حسن أبو عبد الحي حيث تم الزفاف بعد العصر، وهو أول من ألبس عروسه ذبلة .
رحم الله تعالى عرسان العرس الجماعي الأول في كفرمالك ، وأحسن الله ختام العروس الوجيدة الباقية حتى اليوم على قيد الحياة ، ودامت الأفراح في كفرمالك العامرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق