الثلاثاء، 26 فبراير 2013

ثعالب مالكية و واوي سلوادي

ثعالب مالكية و واوي سلوادي

كتبهافرج عبدالحسيب ، في 5 أغسطس 2012 الساعة: 16:22 م


تفاجأنا يوما باقتحام ثعلب مصلوم الأذنين طويل الذيل لبرندة المسجد ، وقام الشيخ أبو الحارث بتصويره ونقله عبر البلوتوث لكثير من الهواتف ، في السنوات الأخيرة  صار أهالي كفرمالك يشاهدون الثعالب في كل مكان ، وصار مشهد ثعلب يعبر الطريق أمام السيارة من المشاهد المألوفة في طرقات القرية ، فقد هاجرت الثعالب من الجبال القاحلة إلى القرية تبحث عن طعام ، وخير طعام للثعلب في أيام البرد الدجاج ، والثعلب يستطيع أن يخنق الدجاج في الخم دون أن يحدث أي صوت ، ودون أن تظهر على الطيور أية علامات للقتل ، وكأن الدجاج يتخدر عندما يرى الثعلب في الخم ويسلم رقبته لعدوه ، لذلك لا غرابة أن يضرب المثل في الخنوع بالدجاج ،  ومن الملاحظ أن الثعالب تختفي من القرية في موسم العنب والتين ، ففي البساتين من الثمار ما يغنيها عن التسلل للحارة ، والتعرض لمطاردة الأولاد ، وفي المثل يشبه الرجل السمين بعد هزال بالحصيني الخارج من موسم التين ، فموسم التين موسم خصب للثعالب
حاولت تتبع قصص الثعالب في تراث كفرمالك الشفوي ، فوجدت أولا قصة عن شيخ كان يحرم أكل الثعالب أو الواويات ، فأحضر له أحد الناس ثعلبا هدية ، فقال له :
إذا كان واوي فهو حرام ، وإذا كان وي وي فهو حلال ، وهذا ما ما سار عليه أهالي كفرمالك مع لحم الثعلب أبو نوارة ، أي الثعلب الذي في طرف ذيله بياض فيعتقدون أن لحمه حلال ، وتلك فتوى من أيام الطفر الفتوى تخرج من المعدة لا من الكتاب والسنة
كما وجدت مثلا يقول : " مثل الحصيني اللي حرد على السفحة " ، والسفحة هنا هي جانب الجبل ، فيروى أن ثعلبا اعتاد أن يقضي حاجته  بسفح جبل ، وذات يوم تعثر ذيله الطويل بنتشة أو غرفة في الجبل ، فحرد على سفح الجبل وقرر أن لا يبول فيه مرة أخرى ، وقديما قيل : قد ذلّ من بالت عليه الثعالب
كما وجدت شئيا غريبا هو أن للثعلب أسماء كثيرة ، وتصل في اللغة الفصحى إلى أربعين اسما ، أما في لهجة أهل  كفرمالك فله أسماء خاصة ترتبط بالنشاط الذي يقوم به الثعلب
فالثعلب الذي يهاجم مقاثي الفكوس والخيار يسميه أهل كفرمالك الدبعي ..
الثعلب الذي يهاجم الدجاج يسميه أهل كفرمالك السلول ..وقيل هو النمس  
الثعلب الذي يصاد ويحلل بعض الناس أكله يسميه أهل كفرمالك أبو نوارة
الثعلب الذي يهاجم كروم التين والعنب يسميه أهالي كفرمالك الحصيني
أما الواوي فهي تسمية للثعلب الجبان الذي يعوي على التل ولا يقترب من البيوت ، ويقال على سبيل الشتيمة للثعلب
.
ومن طرائف ما سمعت عن حكايات الثعالب ، أن ثعلبا أزعج صاحب كرم تين من سلواد ، وأهل سلواد أهل التين والقطين ، ولا ينافسهم في ذلك منافس في منطقة رام الله الشرقية ، هذا الثعلب أتلف الذبيل الساقط تحت الشجر ، وكان يدمر للرجل في ساعات الليل مسطاح القطين  ، وبعد جهد جهيد صاد السلوادي الثعلب ، ولا يقع إلا الشاطر ، هنا قعد الرجل أمام عدوه اللدود ، فقال له وهو ينظر إليه يتماوت في الفخ
ـ وقعت يا ابن الحرام ، ووقعت قلة السلامة ، سأجعلك تشتهي الموت ولا تطوله ، وتلعن الساعة التي دخلت فيها كرمي . ، والله لأعقبنك عقابا تتحدث عنه الواويات  . 
هنا قام السلودي بتعليق جرس صغير من أجراس النعاج في رقبة الواوي ، وأطلقه ، تظاهر الثعلب بالموت كعادته ، وعندما أحس بابتعاد الرجل عنه ، قفز هاربا ، فراح الجرس يقرع في رقبته ، فأسرع كي يهرب من الصوت ، فزادت دقات الجرس .
وكان أن حلف بعض الناس أنه شاهد الواوي صاحب الجرس في اليوم الثاني في الكرك شرقي الأردن .. 
وأذكر قصة طريفة رواها لي الحج أبو مصلح الشايب رحمه الله ..
يروى أن ثعلبا كان يعود لجحره ، ويقوم يدعو : اللهم اكفيني شرّ ابن آدم . فتعجب ابنه الصغير من هذا الدعاء وقال لأبيه : وهل ابن آدم أوسخ من الكلاب التي تطاردنا وتقصف رقبة الواد فينا ، وأوسخ من العقاب الذي يهجم علينا من السماء فيخطف الواحد منا ويكسر عظامه
قال الثعلب الأب : إيه يا صغيري ، ابن آدم أوسخ من الكلاب ومن العقبان .
ذات يوم قرر الثعلب الصغير أن يخرج من جحره ليلعب في الهواء الطلق ، هنا شاهده أولاد صغار كانوا يلعبون ، فتركوا اللعب وهجموا عليه ، هذا يخلع ذنبه ، وهذا يرفصه برجله ، وهذا ينتف جلده ..
عاد الصغير إلى جحره مثخنا متألما باكيا ، وعندما عاد أبوه الثعلب إلى الجحر ، راح يدعو دعاءه المعتاد يا رب ، اكفيني شر ابن آدم .
هنا تدخل الصغير وقال : وأولاده ، يا أبي وأولاده لأنهم أوسخ منه
ولكن هل تعلم أخي القارئ أن الشنارة ذلك الطائر الرائع الجمال ، أمكر من الثعلب !!
وتلك قصة أخرى … وسلامتكم .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق