الاثنين، 8 يونيو 2015

الشيخ أحمد أبو ياسين.... مات بعد أن أتم الوضوء ..

عرف أهالي كفرمالك رجلا بسيطا تقيا صاحب كرامات اسمه أحمد محمد ياسين ، ولد قريبا من عام1894 وتوفي رحمه الله تعالى في عام 1974 ، ودفن في مقبرة عائلته في الحارة الفوقا .

تزوج من قريبة له من رمون  امرأة بسيطة عرفها الناس باسم خضرة الرمونية عام 1928 ، توفيت هي الأخرى عام   1993،، ودفنت بجواره . أنجب أربعة أولاد هم محمد ومحمود وعبد الله ومصطفى ، توفي ثلاثةوهم صغار ، وعاش منهم ابنه الوحيد محمود ، كما أنجب أربع بنات هن : آمنة وعائشةوأمينة ومؤمنة .

عاش يتيما في بيت في حارة العمود بحي دار أبو خليل حيث المسجد اليوم ، وبعد الزواج وإنجاب  الأولاد بنى بيتا من الحجارة والطين في أرض له في الحارة الفوقا ، ما لبث أن تهدم بعد سنوات بسبب شدة الأمطار في تلك السنة ، فأقام وعائلته في مغارة بجوار البيت ، وبقي فيها حتى بنى بينا جديدا خلع حجارته بيده من الصخر القريب .

عمل في شبابه بأعمال أهالي كفرمالك أجيرا يحرث ويحصد ، كما عمل فترة طويلة في البناء مع  الحاج سليمان أبو النيص الذي بنى المسجد القديم ، وكان أحمد أبو ياسين يقول  لأولاده إذا أردتم أن تتذكروني ، فانظروا كلما دخلتم الجامع على شاشيات باب المسجد، فهو الذي رفعها لتوضع في مكانها ، وقد عرف عنه أنه كان صاحب جسم قوي يرفع  الحجارة التي لا يستطيع أحد رفعها ، وروي عن المرحوم عبد الكريم أبو الشيخ ، أن  زوج أخته ذهبية كان يبني بيته ، ووصلوا إلى حجر كبير ، وجيء بالشيخ أحمد لكي يرفعه، فطلب خمسة قروش أجرة ، هنا استكثر الرجل المبلغ ،، وطلب من الحاضرين أن يرفعوه على ظهره هو  لكي يصعد به على السقالة ، وكان أن طق عرق للرجل ( حصل ما يسمى فتاك ) وظل يعاني من الفتاك ومات على أثره .

بينما كان ذات يوم يعلف البقر في قاع البيت ، دخلت عليه عمته ( صالحة ) فرأت وكأن نورا يصعد من رأسه ، فأخذت بالصراخ ظانة أن أحمد يحترق ، ثم اقترب منها ، وهدأ روعها لما رأت أن أحمد سليم معافى ، فاستعاذت من الشيطان الرجيم ،  ، ولم  تكن تعلم ان ذلك نور له ما بعده .

بعد حادثة النور مرّ الشيخ أحمد بفترة عصيبة ، فأصيب بداء النسيان  ، فصار إذا ما سرح ينسى أين وضع الزوادة ، فيظل بلا  أكل ، وينسى أين ربط الدابة فيعود دون أن يحرث ، وصار يهيم في الجبال والوديان، فظن من حوله أن الرجل أصيب بمس أو صار مركوبا في لغة تلك الأيام . وظل كذلك حتى  فتح الله تعالى عليه .

ثم فتح الله  تعالى عليه وأكرمه بتعلم القرآن وتعليمه لمن حوله

استيقظ من نومه وقد رأى رؤيا عجيبة ‘ فإذا به يفتح المصحف ويقرأ القرآن ، يقرأ ولم يدخل يوما  كتّابا ، ولم يتعلم القراءة ، هذه الواقعة كرست أحمد شيخا ، ورجلا من رجال الله .ومنذ ذلك اليوم والرجل تظهر على يديه كرامات ، كان يكره أن يذكرها أحد أمامه ، ، فكما   أوجب الله على الأنبياء إظهار المعجزات أوجب على الأولياء إخفاء الكرامات ..

ولكن هذا بعض ما رواه من عاشره وعرفه .
حدثني  من عاش معه أنه كان كثير الصيام والصلاة والذكر وتلاوة القرآن ، وكنا ونحن أطفال ننام على  صوته  وهو  يتلو القرآن ، يبدأ بالفاتحة ثم وإلهكم إله واحد ثم آية الكرسي، ثم خواتيم سورة البقرة ، ثم لَقَدْجَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ،  وكنا ننام وهو يتلو ويتلو . وبعد الفجر يجلس يذكر ربه حتى طلوع الشمس ويبدأها    بقوله أصبحنا   وأصبح الملك لله ..

قدروي عن المرحوم عطاالله أبو سليمان ، وهو ابن سليمان ابو النيص أن والده كان يرسله  إلى الشيخ لأمور تتعلق بالعمل ، وكان الشيخ يضع للولد صحن زيت زيتون وبعض الخبز ،   وعندما يتأخر ويعود لأبيه يقول له : تأخرت عند  الشيخ لأنه أطعمني سمنا مثل الشهد ،  ولم يكن الشيخ يقدم له غير الزيت العادي .

وروى  عن المرحوم عبد المجيد أبو خريوة أنه كان  جالسا مع بعض رجالات القرية على حجارة الجامع ، فجاء فرسان مخفر الطيبة لاعتقال  الشيخ ، ( ذلك قبل عام 1953 ) فقد كان أن وشى به أحد الكاذبين أن الشيخ رعى له زرعا زورا وبهتانا ، فقام  الفرسان وقالوا له بعنجهيتهم وجلافتهم المعهودة : قوم وله ، إنت مطلوب لشاويش  المخفر . وقاموا بخلع عقاله عن رأسه  ووضعوه في رقبته ، وأمروه أن يمشي أمام الخيل إلى المخفر ، على وقع الكرابيج والبهدلة، فكان أن استجار الشيخ بربه ودعا على الفرسان وخيولهم ، هنا كانت المفاجأة ، صارت خيول الفرسان تشب واقفةعلى رجليها الخلفيتين ، وتضرب قوادمها في الأرض ولم تتحرك ، فأدمى الفرسان  بالمهماز بطونها يحثونها على السير دون جدوى ، وتدخل بعض الحاصرين وقالوا للفرسان  أن الشيخ هذا ولي من أولياء الله الصالحين وهو مظلوم ، فنزل الفرسان عن خيولهم   وتوسلوا له ان يسامحهم ، وكان ما أرادوا فعادوا إلى المخفر ليجلدوا صاحب البلاغ الكاذب .

وكان  الشيخ طويل البال صبور ، ولكنه يثور ويغضب إذا انتهكت محارم الله وحدوده ، حتى وصف  من عرفه أنه كان يهيج كالثور إذا ما سب أحدهم الدين أو الرب أمامه ، فقد روي أنه  كان وابنه محمود ، يقودان أغناما لهم  في طريق البيوضة ، فاعترض  شخص قليل الدين والمروءة  من أهل الضلال   ابن الشيخ  ، وصار يستفزه ويسخر به  ، وتشاجر الولدان  فسب العبد الضال الدين ،  فهجم عليه الشيخ وضربه بلا رحمة ، فذهب العبد الضال إلى المخفر لكي يشكو الشيخ ،فلما علم الشاويش أن القصة مع الشيخ أحمد طرده شر طردة .

سألت  جدتي جميلة أم ربحي وكنت ألاحظ عليها تدينا  وإيمانا يوما كيف تعلمت الصلاة ،  فقالت لي بأن الشيخ أحمد أبو ياسين كان حراثا   مكاريا عند أهلها دار أبو طه ، وعند أهل زوجها دار عبد الحي ،  وكان دائم الصلاة والصيام ، ويقرأ القرآن ، وآخى  نساء دار أبو طه بعهد الله ، ومنهم أ الحاجة نجية والحاجة زكية ، وعلمناالصلاة وما نحفظ من القرآن  .  

وذكر  لي خالي أبو عبدو أنه بينما كان طالبا في المدرسة ، رأى الطلاب أفعى أمام المدرسة، وصادف أن كان الشيخ نازلا من بيته لصلاة الظهر ، فأبعد الطلاب عنها ، ورسم بعصاه  على التراب دائرة حول الأفعى ، وقال اتركوها حتى أعود ، وفعلا بقيت الأفعى داخل  الدائرة لم تخرج منها رغم تحرش الأولاد ، ولما عاد أخذها ولا ندري ما فعل بها .

وأغرب  كرامات الشيخ ما روته لي الحاجة أم خليل الطرشان ، وذلك أن موكب النبي موسى الذي كان قادما من المزرعة الشرقية ، وقف في وادنصير ، وكأن شيئا ما حبسه عن المسير ، وطل الموكب لا يدري ما الذي جرى للدواب التي  عرقبت و ترفض المسير ، وهنا أشار عليهم أحد الحاضرين أن يبعثوا وراء الشيخ أحمد ،  وفعلا جاء  وراح يقرأ القرآن حتى فك عرقبة الدواب وأكمل الموكب سيره باتجاه الشرق .

وكان  أهالي كفرمالك يلجأون إليه لكي يحوط لهم على الدواب الضائعة ، وذلك بأن يفتح موس  الكباس نصف فتحة ، ثم يقرأ القرآن ويدعو اللهم احرسها من كل دابة ودبيب والوحش والذيب والرجل الغريب . ويغلق الموس .

وحدثني حفيده محمد أبو سامر أنه ما زال يذكر حادثة وقعت معه وهو طفل قبل أن يدخل المدرسة ، حيث اختلس ببراءة الأطفال قطف حصرم من عنبات جيرانه دار الناجي ، وجاء به إلى البيت ،  فلما رآه الشيخ سأله  :  من وين جبت هذا ؟ فرد الطفل ببراءة : من هناك ، وأشار إلى كرم عنب الجيران ،  فما كان من الشيخ إلا أن فك حزام الكايش العريض الذي كان على وسطه وهوى به على الطفل، هنا تدخلت الجدة ، وخلصتني من يديه ، وقالت لي : ثاني مرة لا تسرق عنب ، السرقةحرام يا ستي . ولأول مرة أعرف أن أخذ الأشياء حتى لو كانت بسيطة مثل قطف حصرم تسمى   سرقة وهي حرام .  

وذات يوم   أخذ الشيخ إبريق الوضوء وراح يتوضأ ، وكان من عادته أن يدعو مع غسل كل عضو :
فإذا غسل  يده اليمنى دعا : الله أعطني كتابي بيميني
وإذا غسل  يده اليسرى قال : اللهم لا تعطني كتابي بشمالي .
وإذا تمضمض قال : اللهم احلل عقدة لساني عند سؤال الملكين .
وإذا استنشق  قال : الله أشممني رائحة الجنّة .
وإذا غسل  الوجه قال : الله بيض وجهي يوم القيامة .
وإذا غسل  أذنيه قال : اللهم أسمعني آذان بلال في الجنة .
وإذا مسح   الرقبة قال : اللهم اعتق رقبتي ورقاب والدي من النار .
وإذا غسل رجليه قال : الله ثبت أقدامي على الصراط .

أكمل الشيخ  وضوءه ، وختم بالدعاء اللهم ثبت أقدامي على الصراط يوم القيامة ،   وفاضت  روحه إلى بارئها .

هناك تعليق واحد: